القديسة كلارا الأسيزية شفيعة الاعلاميين

نورسات الاردن

(عيدها 11 أغسطس)

🌺الميلاد والنشأة:
إسمها “كلارا” ويعني (اللامعة أو الواضحة)، ولدت في مدينة أسيزي يوم 19 يوليو 1194م، هي الإبنة الكُبرى لأبٍ هو “فاﭬـورينو شيلفاي” أمير منطقة ساسو روسو وأمٍ هي “أورتولانا فيومي” من عائلة نبيلة أيضاً، وهم مثال للعائلات الرومانية الثرية، يملكون قصراً في مدينة أسيزي وقلعة في مونت سوبازيو.
كانت والدتها أورتولانا سيدة تقيّة متواضعة، قامت برحلات حج روحي عديدة إلى روما وسانتياجو دي كامبوستيلا بإسبانيا وإلى أورشليم، رغبةً في الصلاة والتأمل والإستغفار بمعاناة الترحال بوسائل نقل فقيرة. وفي مرحلة متأخرة إنضمت لإبنتيها “بياتريكس” و”كاتارينا” في الدير اذي ستنشأه كلارا لاحقاً. لتختم الأم حياتها ختاماً نُسكياً.
في طفولتها تأثرت كلارا بتقوى والدتها، وكانت أول واجهة للإيمان المسيحي أمامها. أحبت الحياة الزاهدة ولم تكن مثل قريناتها من الفتايات اللاتي يمتلئن من الغرور بسبب الأصل الرفيع والثراء.

🌺الدعوة:
بعمر الثامنة عشر سمعت كلارا عن “فرنسيس الأسيزي” مؤسس رهبنة “إخوة يسوع الأصاغر” (الفرنسيسكان فيما بعد)، وبدأت تتابع عظاته التي كان يلقيها في الشوارع وفي الحقول، أثناء فترات الصوم الليتورﭼـي، وكذلك في كنيسة سان ﭼـورﭼـو بأسيزي. فأصبحت من مُريديه ومُتابعة لتعاليمه التي كانت صرخة في وجه الترف والرباطات الأرضية، وتعلقت بهذه العظات لهذا السبب، ثم تقدمت للحديث معه وطلبت إليه أن يرشدها إلى طريقة العَيْش بالإنجيل، ومارست بإشتياق وإجتهاد شديد أعمال تَقَوية وصلوات وأصوام تساعدها على عيش رسالة الإنجيل كما أشار عليها مُعلمها.
حدث كل ذلك بينما كانت أسرتها تخطط لتزويجها من أحد النبلاء كعادة العائلات الثرية في ذلك الوقت. أعربت كلارا عن رفضها للزواج لأنه ليس دعوتها، بالطبع لم تلقى رغبتها ترحيباً من الأسرة، فقررت في يوم أحد الشعانين الموافق 20 مارس 1212م أن تترك منزل والدها وقد صاحبتها خالتها “بيانكا” وبعض الفتيات الراغبات في التكريس، إلى كاپيلا صغيرة في بورتيونكولا لمقابلة فرنسيس الأسيزي، وهناك قدمت نذورها الرهباني، وقصّت شعرها واستبدلت ملابسها الفاخرة بثياب فقيرة وطَرحَةً للرأس.
أودعها فرنسيس الأسيزي في دير سان پاولو للراهبات البندكتيات. ذهب والدها لإقتحام الدير وأخذها عنوة، فدخلت إلى هيكل كنيسة الدير، وإحتمت به، وخلعت غطاء رأسها لتظهر شعرها الحليق لوالدها حتي يفهم أنها لن تتراجع عن قرار التكريس لله.
إشتاقت كلارا لحياة التوحد والعُزلة، فأرسلها فرنسيس الأسيزي إلى دير سان أنجلو للراهبات البندكتيات بمدينة بانزو، وهناك لحقت بها شقيقتها كاتارينا واتخذت إسم “أجنيس” (القديسة أجنيس الأسيزية فيما بعد). وظَلّتا هناك حتى تم إيجاد مقرّ فقير لهما مجاور لكنيسة سان داميانو، التي شهدت بدء دعوة فرنسيس.

🌺نشأة الكلاريس:
إنضمت أخريات للمقر الجديد، واشتهرن بإسم “فقيرات القديس داميانو”، وامتاز المقرّ بالإلتزام بحياة العفّة والتقشُّف الشديد والعُزلة عن العالم، ولبعض الإرشادات التي أعدّها لهنّ فرنسيس الأسيزي، (وقد صار اسمهن فيما بعد وفاة القديسة كلارا بعشر سنوات”الفقيرات الكلاريس”) نسبة إليها.
ساعدها اسقف مدينة أوجولينو (البابا جريجوري التاسع فيما بعد) أن تكون كنيسة سان داميانو تابعة لديرها ليكون للدير كنيسة خاصة به ويكون معروفاً أن الرهبنة الوليدة مُعترفٌ بها من الكنيسة.
في عام 1228م، ومع قسوة الأصوام والإرهاق البدني في الصلاة والأعمال بدأت تتدهور صحّة القديسة كلارا، حاول البابا جريجوري التاسع إعفاءها من نذر التقشُّف لتتحسن حالتها الصحية، فكان ردّها” [[أحتاج للإعفاء من خطاياي وليس من النذور التي قدمتها للرب]].
فمنح البابا رهبنتها “إمتياز الفقر” (Privilegium Pauperitatis) بحيث لا يجبرهن أحد على حيازة أي أملاك.
وعلى عكس الرهبنة الفرنسيسكانية للرجال والتي تقوم على الترحال والتجول من أجل تقديم شهادة الحياة والكلمات المنفعة للناس، عاشت القديسة كلارا وإخواتها في حالة عُزلة تامة وصمت في أغلب الفترات داخل الدير، وكُنّا يتحملن مسئولية الصلاة من أجل نجاح رحلات الإخوة الفرنسيسكان الذين يعيدون تذكير روما والعالم بتعاليم المسيح.
واعتمدت حياة العزلة على الإستقلال المادي من خلال أداء الأعمال اليدوية، والصلاة الدائمة حتى أثناء العمل.
الراهبات في الدير وخارجه حافيات الأقدام، ينمنَ على الأرض، لا يأكلن إلا القليل وممتنعات إمتناع تام عن اللحوم، يلتزمن الصمت التام أغلب فترات اليوم.
كان القديس فرنسيس الأسيزي هو المُلهِم الروحي للقديسة كلارا، وكانت هي دائمة الإهتمام والصلاة لنجاح مهمته في نشر الملكوت، واعتبرته رئيساً لرهبنتها، ومُرشداً لها، كما اهتمت به في مرضه الأخير وقامت على خدمته.
بعد وفاة القديس فرنسيس الأسيزي، واصلت القديسة كلارا مسيرتها في تنمية رهبنتها، وقاومت كل الدعوات من قيادات كنسية التي تناشدها تخفيف حِدّة قانونها الرهباني في التقشُّف والعُزلة، وإلتزمت به حتى موتها، لأن روحانيتها المنبثقة من الروحانية الفرنسيسكانية كانت مبنية على “فرح الفقر” الذي يعني أن الفرح الحقيقي للإنسان لا يأتي إلا عندما يتخلّى عن كُلّ شئ يعلقه بالأرض، أو وسيلة راحة تجعل جسده ليس تحت سُلطته الروحية، ومن ثم عدم قدرته على العيش بالإنجيل الذي يحتاج روحاً قائداً وجسداً مطيعاً.

🌺كــــلارا والقربــــان الأقدس:
في عام 1224م، إجتاح مدينة أسيزي، جيش الملك “فردريك الثاني” ملك إيطاليا لنهبها. وقتها وبرغم مرض القديسة كلارا لكنها قامت بعد أن أشار عليها الروح بأن تخرج من شرفة ديرها حاملة القربان الأقدس في شعاع صمده، لتأمين المدينة من عمليات القتل والنهب. تسبب ذلك في حالة ذعر للجيش الذي لم يكن يرى ما سبب مخاوفه، لكنهم انسحبوا بشكل جماعي دون أن يحدث أي إيذاء لأهالي أسيزي.
ويقال في رواية أخرى عن خوارق حدثت في حياتها: أنها لم تتمكن ذات مرة، من حضور القداس بسبب إعتلال صحتها، وبعد عودة الراهبات إليها أخبرتهم بأنها إستطاعت حضور القداس بالروح، وأنها كانت ترى الكنيسة مُصورة على حائط غرفتها بالدير!

🌺الوفــــاة:
رقدت القديسة كلارا الأسيزية بعطر القداسة في 11 أغسطس 1253م، عن 59 عاماً، بسبب ضعف صحتها وسوء تغذيتها. وكانت آخر كلماتها قبيل وفاتها: [[مُباركٌ أنت يا خالقي، إنني أحبك]].
تم دفنها تحت مذبح كنيسة سان ﭼـورﭼـو”
بأسيزي، وبعد 600 عام تم نقل رفاتها المباركة إلى أسفل هيكل بازيليك سانتا كلارا بأسيزي، التي أُنشئت إكراماً لها، وهي محفوظة بإكرام حتى اليوم في هذه البازيليك.
تم إعلانها قداستها عن يد البابا “ألكسندر الرابع” عام 1255م، بعد كم هائل من المعجزات الموثقة تم الإبلاغ عنها في وقت قصير بعد وفاتها.
هي شفيعة العاملين بالتطريز، ومرضى العيون، والتلفزة، والممجدين لسر القربان الأقدس.
تعيد لها الكنيسة الجامعة يوم 11 أغسطس.
شهادة حياتها وبركة شفاعتها فلتكن معنا. آمين.

Comments are closed.