الكاردينال زيناري يدعو العالم إلى عدم نسيان مآسي الشعب السوري

نورسات الاردن

مع حلول العام الجديد أجرت محطة Telepace التلفزيونية الإيطالية مقابلة مع السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري الذي حث الجماعة الدولية على عدم نسيان سورية التي تشهد أكبر كارثة إنسانية تسبب بها الإنسان منذ الحرب العالمية الثانية، كما قال.

أكد الكاردينال زيناري أنه عندما يلتقي بالشبان يطلبون منه مساعدتهم على الهجرة، لافتا إلى أن هؤلاء لا يرون مستقبلا أمامهم خصوصا وأن السوريين يعانون من الظلام والبرد ويصطفون أمام الأفران لشراء الخبز المدعوم من قبل الدولة، ومما لا شك فيه أن قسما كبيراً من الشعب السوري يواجه صعوبة في تلبية احتياجاته الرئيسة والبقاء على قيد الحياة.

وصف نيافته ما يجري في سورية بـ”أسواء كارثة إنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”، وذكّر بأن البابا فرنسيس تطرق إلى الوضع السوري في خطابه إلى مدينة روما والعالم يوم عيد الميلاد. وأوضح الكاردينال زيناري أن العديد من العائلات السورية لا تجد أمامها خيارا آخر سوى الهجرة، مشيرا إلى وجود أسر كثيرة غادرت البلاد في محاولة للوصول إلى أوروبا وهي اليوم عالقة على الحدود الأوكرانية. ولفت نيافته إلى أنه علم من مصادر موثوقة أن تلك العائلات تدفع للمهربين مبالغ تصل إلى عشرين ألف دولار أمريكي مقابل الوصول إلى القارة القديمة، وهي مبالغ مرتفعة جداً بالنسبة لسورية، فيتعين على هؤلاء الأشخاص أن يبيعوا ممتلكاتهم، ويقترضوا المال، ليقوموا برحلة قد تبوء بالفشل وقد يُرغمون على العودة إلى وطنهم.

واعتبر الدبلوماسي الفاتيكاني أنه يتعين على الغرب أن يُدرك ما هي الأسباب التي تحمل هؤلاء الأشخاص على الهجرة، محذرا في الوقت نفسه من مغبة أن يغض العالم الطرف عن مآسي السوريين. وقال: إن سورية باتت منسية منذ سنتين أو ثلاث، والأخبار المتعلقة بالوضع السوري لم تعد تجد لنفسها فسحة في وسائل الإعلام العالمية، وهكذا يلف الصمتُ صرخة الألم التي يُطلقها العديد من أخوتنا وأخواتنا. وتحدث عن كميات من المعونات التي تصل باستمرار إلى السفارة البابوية في دمشق وهي تساهم في التخفيف من معاناة الناس.

بعدها عبر الكاردينال زيناري عن امتنانه الكبير حيال العديد من “السامريين الصالحين” الذين يمدون يد المساعدة إلى الأشخاص المحتاجين في سورية وقال إن هؤلاء ليسوا فقط من المقتدرين مادياً، إذ يوجد بينهم أشخاص من ذوي الدخل المحدود. ولفت إلى أنه يتأثر حيال سخائهم الكبير، مع أن المساعدة التي يقدمونها هي بمثابة قطرات ماء في الصحراء، مشيرا إلى محاولة السفارة البابوية تلبية الاحتيجات لكنها بدورها تحتاج إلى مساعدة الجماعة الدولية، كي تصل “أنهار” من المساعدات إلى الشعب السوري. وذكّر نيافته بأن تقارير الخبراء تتحدث عن الحاجة إلى أربعمائة مليار دولار من أجل إطلاق عملية إعادة الإعمار وتحقيق الانتعاش الاقتصادي وتقديم الأمل للأشخاص.

في غضون ذلك ما تزال الكنيسة تقوم بمشاريع وبرامج إعانية وخيرية لصالح السكان المحتاجين في مختلف القطاعات ومن بينها القطاع الصحي، الذي بات شبه معدوم، وذلك من خلال برنامج يحمل اسم “مستشفيات مفتوحة”، ويهدف إلى تقديم الخدمات الطبية للفقراء في ثلاثة مرافق صحية كاثوليكية، اثنان في دمشق والثالث في حلب. وقال الكاردينال زيناري بهذا الصدد إنه خلال السنوات الأربع الماضية سمح هذا المشروع بتقديم الخدمات الطبية لسبعين ألف مريض، بدون تفرقة أو تمييز عرقي أو ديني، وهو يساهم أيضا في عملية إعادة بناء النسيج الاجتماعي. ختم السفير البابوي في دمشق حديثه لمحطة Telepace التلفزيونية، لافتا إلى أن العديد من العائلات المسلمة في سورية أصيبت بالدهشة إزاء سخاء المسيحيين، وبهذه الطريقة تسعى الكنيسة أيضا إلى تعزيز الحوار والتعايش السلمي بين مختلف الديانات، وهي مسألة بالغة الأهمية.  

Comments are closed.