تأملات من الأرض المقدسة

نورسات الاردن

قبل عامين، وبالتحديد منذ 11 اذار 2020، دخل العالم في أزمة عالمية عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية رسميًا أن فايروس كورونا أصبح وباءً.

وأصبح من الصعب التنبؤ بالإجراءات الوقائية اللازمة وخاصة الإغلاقات والقيود التي أوقفت كل أنواع التنقل حول العالم! الآن عدنا نشهد عودة الحياة إلى طبيعتها، ومن الرائع رؤية الحجاج مرة أخرى في شوارع القدس. ولمعرفتنا بأن السنة الدراسية الحالية قد سارت بشكل وجاهي لأمر مفرح مقارنة مع السنتين الماضيتين عندما توجهنا للتعلم عن بعد. لذا نرفع صلاتنا وشكرنا لله تعالى على نعمه وعطاياه وخاصة في هذا الزمن المقدس واحتفالاتنا بعيد الفصح المجيد. ولسنا وحدنا في هذه الاحتفالات، فإخواننا وأخواتنا المسلمين يحتفلون بشهر رمضان المبارك، وإخواننا وأخواتنا اليهود يحتفلون بعيد الفصح اليهودي. وهكذا، ستكون القدس بلا شك مزدحمة للغاية في الأسابيع المقبلة، كما نأمل أن تتم هذه الاحتفالات بآمن وسلام.

خلال الفترة الماضية تمكنا من زيارة غزة لمدة ثلاثة أيام بهدف متابعة اعمالنا الاستراتيجية في رعيتنا التي تشتعل بالحركة والنشاط. ومن أبرز مشاريعنا خلال الفترة الماضية اقتضت بخلق فرص عمل ودخل كريم لأكثر من ٦٥ شخصًا. كما أن العمل على توسعة وتحسين المرافق الحيوية قد شارفت على الانتهاء. كما وسعدنا بخبر اصدار ٧٠٠ تصريح لأهلنا في غزة كي يتمكنوا من زيارة المدينة المقدسة والمشاركة في احتفالات عيد الفصح المجيد.

نظمت الإدارة العامة لمدارس فلسطين مؤتمرا لبناء القدرات، للمعلمين والعاملين في مدارسنا ولمدة ثلاثة ايام. إن الشعور بالالتزام والانتماء والتفاني من قبل المعلمين خلال المؤتمر، جعلنا نثق بأن طلابنا في أيد أمينة. لقد تم تنفيذ العديد من المشاريع التطويرية في العديد من المدارس خلال العام ومن ضمنها مشاريع تطوير المهارات والتي تلاقاها المعلمين والمعلمات بشغف كبير.

عدنا نرى كنائسنا ومراكزنا الرعوية تعمل من جديد من خلال النشاطات المختلفة كاجتماعات الشبيبة المسيحية، وبرامج مدرسة الأحد، والتعليم المسيحي، والمجموعات الكشفية، والرياضات الروحية المختلفة، وزيارة الأماكن المقدسة.

كما وقد أفاد النائب البطريركي لجماعة المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي بمنحه عشرات العماميد واحتفالات المناولة الأولى ومنح سر الزواج المقدس لعدد من المتقدمين، مما يسلط الضوء على مدى ارتباطهم بالكنيسة على الرغم من الظروف القاسية التي يواجهونها.

تمكنا من الحصول على دعم إضافي بمقدار ٥٠٪ من الدعم المخصص من قبل المانحين وقد مكننا ذلك من مساعدة ما يقرب ٤٤٦٥ مستفيد خلال الاثني عشر شهرا الماضية من ضمن البرامج والمساعدات الإنسانية نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي مازلنا نمر بها، إضافة الى اكثر من ٢٠٠٠٠ مستفيد من صندوق الطوارئ الذي خصص بسبب انتشار فايروس كورونا والتي قد شارفت على الانتهاء. أخيرا، تكللت الجهود في إطلاق مشروع آفاق بالشراكة مع جامعة بيت لحم بهدف توفير حلول التمكين المستدامة للأشخاص الذين تعطلوا عن العمل بسبب الوباء أو لأسباب أخرى.

اما من ناحية الإدارية والمالية، فقد تمكنا من خفض العجز العام وبعض النفقات والديون طويلة الأمد لحد كبير، مما دعا لرفع معيشة الموظفين بعد تجميد لثلاث سنوات. ان خبر اعلان تعيين أسقفين جديدين هما الأب جمال دعيبس نائبًا بطريركيا في الأردن والأب رفيق نهرا نائبا بطريركيا في الجليل، يدعو الى التفاؤل الكبير فمعهما ومع جميع العاملين سنتمكن من مواجهة العديد من التحديات التي تنتظرنا!

تحمل تأملاتي هذه المرة طابعا إيجابيا متفائلا، فخبرتنا الطويلة في الأرض المقدسة علمتنا أنه سيكون هناك العديد من المشاكل والنكسات المقبلة، سواء كانت إدارية أو مالية أو سياسية أو اجتماعية. وهذا ما نشهده حاليا في المدينة المقدسة. ولكن وجب ان نتحلى بالإيمان والرجاء، متيقنين بأن هذه التجارب التي نمر بها هي جزء اصيل من هويتنا المسيحية.

نقترب من احتفالاتنا بالأسبوع المقدس ومسيرة الشعانين في البلدة القديمة، كل هذه الاحتفالات المباركة لها طابعها المميز والخاص هنا في هذا المكان بالذات حيث عاش ومات وقام السيد المسيح، وهو ما يدفعنا لان نبقي شعلة الايمان والرجاء فينا مشتعلة.

أشكركم على صلواتكم ودعمكم، مع أطيب الامنيات في مسيرة زمن الصوم هذا مقتربين من عيد الفصح المجيد. عيد فصح مجيد وكل عام وأنتم بألف خير.

سامي اليوسف

الوكيل العام

Comments are closed.