الاب منصور يودع إدارة المدارس بكلمة مؤثرة

كتب الأب وسام منصور المدير الأسبق لمدارس البطريركية اللاتينية على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك رسالة مؤثرة نوردها هنا في نورسات لتعم الفائدة:

شكراً لله
“شكراً للهِ الذي يقودُنا في موكبِ النُّصرةِ كُلَّ حين، كفقراءَ لا شيءَ لنا ونحن نغني الكثيرين”…
من أجملِ التراتيل التي اعتدتُ أن أردِّدها في احتفالات الرّعيةِ وفي لقاءات الشبيبةِ، تُحيي في النّفسِ الأملَ والرّجاء لمزيدٍ من العطاءِ والاستسلام ليعمل الله من خلالِنا؛ “إذ نسعى عنه كسفراء، كأنَّ اللهَ يَعِظُ بنا لكي يكونَ ولنا اكتفاء بكُلِّ نعمة وغنى”
.


قبل أيامٍ قليلة، أنهيتُ أربعَ سنواتٍ من خدمةِ مدارس البطريركية اللاتينية في الأردن، واليوم في صلاتي وقفتُ متأمِّلاً بهذه الخبرة، وفاضَ من قلبي عبقُ شكرٍ للهِ وباقاتُ ابتهالٍ للإله الذي غمرني بشرف هذه الخدمة وساعدني على تتميمِها في أصعبِ الظّروف وأعقدَها.
اليوم، حقيقةً، أُدرِكُ أكثرَ من ذي قَبْل أنَّ المدارس ليست فقط مؤسسةً تربويةً وإنما هي مؤسسةٌ إلهيةٌ، لأنَّ يَدَ اللهِ تعمل معها وفيها ومن خلالِها. فمنذُ لحظاتِ التأسيس وقَبْلَ أكثر من مئةٍ وخمسين عاماً، قدَّمَ الآباءُ المؤسسون كُلَّ التّضحيات في سبيل قيام خدمةِ المدارس؛ عاشوا في الكهوف والخيم وحاربوا العقليةَ العثمانيةَ التي كانت ترفضُ التعليمَ وتريدُ أن يعيش الجميع بالجهَل ليَسهَلَ السيطرة عليهم، والعادات الاجتماعية والقبلية التي كانت ترفض تعليم الفتاة، ناهيك عن الظّروف الماديّة الصّعبة؛ فاستطاعوا من العَدمِ ومن لا شي ودونَ أي إمكانياتٍ تُذكَرُ، أن يبنوا مؤسّسةً عريقة شامخة هي مدارس البطريركية اللاتينية في الأردن.
لم يبنوا بأيديهم فقط وإنما بإيمانهم وبقوّة العناية الإلهية التي رافقتهم. وهذا الإيمان هو الذي رافقني، وهذه القوة الإلهية هي التي سَيَّرَت الظروف لتصمدَ مدارسُنَا وسطَ أزمةِ كورونا وتخرجَ متألقةً شامخةً بمحبّة وانتماء جميع العاملينَ فيها.
فشكراً للهِ دائماً الذي قادنا ويقودنا، شكراً لنعمتِهِ الفعّالة في أنفسِنا وأجسادِنا، شكراً لعنايتِهِ وحمايتِهِ التي رافقتنا.
ومع شكري لله، أرفعُ الشكرَ لِكُلِّ مَنْ رافقني في هذهِ المسيرة وهذا المشوار من اخوتي الكهنة وفريق الإدارةِ العامّة والشركاءِ في حملِ الرِّسالةِ؛ مُديري المدارس الأعزاء والهيئاتِ الإدارية والتدرسية. شكراً من قلبي أقولها لكم جميعاً، شكراً لمحبتكم واحترامكم، شكراً لصِدقِ انتمائِكم وسَيعكم -بالرغم من شُحِّ الإمكانات- على المُضي قُدُماً في مسيرةِ تطويرِ مدارسِنا لتبقى الرّاية والمنارة في سماءِ هذا الوطنِ الحبيب.
شكراً للدّروسِ التي أخذتها وتعلّمتها منكم في الصّبر والتحمّل. فالعمل معكم نحتَ في داخلي شخصيةً جديدةً وأظهر لي قدرةَ الله وعملَهُ من خلالكم.
فمع شكري أرفعُ الصلاةَ كي يغمرَ اللهُ حياتَكم بِكُلِّ النِّعَمِ والعطايا الإلهية، ويعوِّضَ تعبكم وجهودكم بمدارسنا بالتوفيق لكم ولأبنائكم ويشملكم دائماً بحمايته الإلهية.
وأسالكم أن تتابعوا المسيرة مع سيادة المطران جمال خضر جزيل الاحترام، لتساندوا يديهِ برفع راية مدارسنا لنزرعها في أعلى القمم لتبقى في خدمة الإنسان والوطن الحبيب وتبني الكنيسة.
سيدنا، كوادرنا ثروة من الانتماء وقوة من العطاء والبذل لا تعرف الحدود، تنتظر منكم كُلَّ سندٍ ودعمٍ كي تنطلق لمزيد من العطاء وبناء بناة المستقبل.
الآباءُ الكهنةُ، أشكرُ لكم مساندتكم لمسيرة خدمتي وأتمنّى أن تبقوا دائماً روح المدرسة الذي ينبض فيها الحياة ويُحفِّز الجميع لمزيدٍ من العطاء والبِناء. ولا تحرموا مدارِسَنا من طَلَّةِ ثوبِكم؛ ففيها سر السلام والأُخوّة والمحبة التي تُميّز مدارسنا.
المديرون الأحباء، وكما تعوّدتُ أن أناديكم الشّركاءَ الأعزّاءَ، أوصيكم ألّا تقفوا عند الحواجز، ولا تسمحوا للظّروف والإمكانات أن تحرقَ أحلامَكم. فأنتم كنتم وستبقون أصحاب رسالة. لم تكونوا يوماً موظفين ينتظرون الراتب وحسب، وإنما دائماً كنتم أصحاب البيتِ والحرّاسَ الأمناء على مقتنياته وأبنائه.
فاستمروا بالشراكةِ مع الجنود البواسل مُعلّمينا وإداريّنا لتُتابِعوا مسيرة النهضة والتقدُّم؛ لتكونَ مدارسَ البطريركيةِ اللاتينيةِ الأكثرَ تميُّزاً في رسالتِها وأجوائِها وكوادرِها وأبنائِها.

الأهالي الأعزاء،
إن الشراكةَ معكم هي أساسُ نجاحِ مدارسِنا، فلم نسعَ يوماً إلى أيّ منفعةٍ أو ربحٍ ماديّ. فأبناؤكم هم رسالتنا، أمانةٌ مقدّسةُ في أعناقِنا. اعملوا دوماً على تقديمِ الخير لهم وتربيتهم وتعليمهم، وإعدادهم وتهيئتهم للمستقبل الواعد في وطنِنا الواعد في ظلِّ مليكنا المفدّى عبدالله الثاني بن الحسين، حفظه الله ورعاه. فكلما زاد هذا التواصل، حصدوا النتائج في حياتِهم ومسيرتِهم. أسالكم بحقِّ الله أن تقدِّموا مزيداً من التعاون مع إداراتنا ومعلمينا. وأدعوكم إلى ضرورةِ المساهمة والمشاركة في استمرارِ خدمةِ المدارس؛ فالظروف صعبة على الجميع، والقليل الذي نُقدِّمه يمكن أن يسند رسالة عظيمة.
كما أدعو المجتمع المحلي إلى ضرورةِ الوعي على الحاجة لرفدِ هذه المدراسِ الرَّعويةِ بكُلِّ الدّعمِ والمؤازرةِ، لأنّها هي التي ستحفظ وجه هذا المجتمع وأخلاقِه. فلا تبخلوا بدعمِكم ومساهمتِكم؛ فمهما قدَّمتم ستكون تقدماتكم عظيمة أمام الله والناس.

شكراً أجددها لكم جميعاً مع طلبي بالصلاة من أجلي.
لكم منّي كُلَّ التّقدير والمحبّة والاحترام.

Comments are closed.