مجلّة «إكليل الورود» أطلقها رهبان كاثوليك لتكون الأولى عراقيًا بأقلام مسيحيّة

عام 1857، شرعت رهبانيّة الإخوة الواعظين في العراق بإصدار مطبوعات تعليميّة مستفيدة من مطبعة حجريّة جلبتها إلى الموصل. فشكّلت هذه المبادرة خطوة أساسيّة باتجاه إصدار المجلة العراقيّة الأولى في بدايات القرن العشرين. فما كان اسم تلك المجلة وبأي لغات صدرت؟

عام 1860، وبحسب كتاب «الآباء الدومينكان في الموصل، أخبارهم وخدماتهم 1750-2000» لبهنام حبابه، توالت إصدارات الإخوة الواعظين وازدادت مع وصول مطبعة إيطاليّة حديثة. فنُشِرَت مئات الكتب باللغات العربيّة والفرنسيّة والسريانيّة والإيطاليّة واللاتينيّة فضلًا عن التركيّة، لغة الدولة الرسميّة آنذاك.

وفي يناير/كانون الثاني 1902، صدرت المجلّة العراقيّة الأولى، «إكليل الورود». نشرها الرهبان الدومينيكان باللغة العربية وكانت انطلاقة مسيرة المجلات في العراق. تصدّرت غلافها صورة العذراء حاملةً الطفل يسوع مع اقتباس لكلمات البابا لاوون الثالث عشر: «نعلن أنّنا معلِّقون أحسن آمالنا على الورديّة المقدّسة» وفي ذلك تنبيه إلى معنى اسم المجلّة. اهتمّت غالبيّة موضوعاتها بصلاة الورديّة وأعيادها وأقوال الباباوات في شأنها. ويعدّ الباحثون «إكليل الورود» باكورة الصحافة السريانيّة والمسيحيّة في العراق، إذ لم تصدر قبلها أي جرائد أو مجلات أخرى باللغة السريانيّة أو تُعنى بالشأن المسيحي.

توقفت النسخة العربية عن الصدور نهاية عام 1908، بعد أن قدّمت ما يناهز التسعين عددًا بحوالى 600 نسخة للعدد الواحد. وكان من محرّريها الآباء: عبد الأحد تبّوني وعبد الأحد جرجي ويوسف غنيمة (البطريرك) والراهب هياسانت بونجقيان الدومينيكي وأيوب برصوم الذي أصبح لاحقًا البطريرك أفرام الأول برصوم.

وفي أغسطس/آب 1904، صدر العدد الأول من المجلّة بالنسخة السريانيّة، بغلاف تزيّنه المسبحة الورديّة. فكانت مستقلّة بموضوعاتها ومقالاتها الدينيّة التعليميّة المكتوبة بالسريانيّة الفصحى وفي بعض الأحيان بالسورث، أي السريانيّة المحكيّة. طُبِع من كلّ عدد منها 300 نسخة حتى توقفت عن الصدور في يوليو/تمّوز 1907. ومن كتّابها البارزين الآباء شموئيل جميل وحنّا قريو والمطران أدّي شير.

وصدرت المجلّة بالفرنسيّة أيضًا بدءًا من يناير/كانون الثاني 1906. فحملت الطابع نفسه وتوجّهت إلى عارفي هذه اللغة، حتى توقفت مسيرتها عام 1910. وطُبِع من كلّ عدد منها 400 نسخة وكان أبرز كتّابها الأب شفالييه الدومينيكي.

بهذا، كان الآباء الدومينيكان روّاد هذا المجال، إذ أصدروا ثلاث مجلّات التي على الرغم من حملها الاسم نفسه، تمايزت عن بعضها البعض بكتّابها ومقالاتها ولغاتها. لكنّها تبعت خطًا عامًا دينيًّا وتثقيفيًّا وتعليميًّا.

بقلم: جورجينا بهنام حبابه

Comments are closed.