إيمانٌ وشجاعةٌ حيث الخوفُ واليأس وانعدام الثقة بقلم الشماس يوسف نقولا عرموش


قراءة شخصية لإنجيل القديس لوقا (8: 40-55)
ينطلق البشير لوقا في إنجيله من حادثتَين متقاربتَين: أولهما حادثة شفاء المرأة النازفة وثانيهما حادثة شفاء ابنة يائيروس. يتسائل الكثير منا لماذا وُضعت الحادثتان في نفس الخندق؟ يأتي الجواب لأنهما وجهان لعملة واحدة، نبدأ بحدث المرأة النازفة الدم. يُخبرنا الإنجيلي بأنها مريضة منذ اثنتي عشرة سنة. لماذا يرمز رقم 12؟ وهو رقم مذكور لمريضتَين ابنة يائيروس والمرأة النازفة الدم. يرمز الرقم 12 إلى أسباط إسرائيل الاثني عشر، ما يعني أن العالم والشعب العبراني بأكمله مريض وهو بحاجة إلى الشفاء. ويرمز لاحقًا للرسل لاحقًا المحتاجون لخبرة المسيح القائم من بين الأموات للانطلاق بالبشارة. هذا الشعب العبراني المذكور سابقًا الذي سقط بخطيئة آدم، أرسل له الله الأنبياء الذين هيئوا لحضور الأقنوم الثاني بالجسد. لذلك نرى ونعاين أن المرأة كانت غنية فلجأت للعديد من الأطباء. نعم الشعب العبراني هو غنيٌ لمعرفته الله وذلك من خلال الأنبياء ……. تتقدّم المرأة في الحياة الروحية وتؤمن وتثق بقدرة الله، فتشجعت ولمست المسيح وكانت على يقين أنها ستُشفى وهو أمرٌ آخر يجمع الحادثتَين: كانا لديهما نفس القوة والجرأة والإيمان بالخلاص. يسأل المسيح من لمسني؟
هل كان المسيح لا يعلم من لمسه وهو العارف بكل شيء؟ بالطبع يعلم ولكن؛ ليُظهر إيمان هذه المرأة وشجاعتها. فالمرأة النازفة في الناموس اليهودي هي منجسة ……
هاتان القصتان تعطيانا قصة الخلاص منذ بدء الخليقة حتى حضور المسيح. يُكمل الإنجيلي وينقل لنا حادثة الشفاء، شفاء ابنة يائيروس ….. نجد أن الأفعال تغيّرت قبل المعجزة وبعدها ….. ذهول وفرح بعد وحزن ويأس قبل ….. والبعض استخفاف ……
والأغرب من ذلك قال لهم الرب يسوع أنها نائمة وهي بالحقيقة ميتة! هذا الفعل تعبيرٌ واضحٌ وصريح عن حقيقة الموت التي تغيّرت بعد حضور المسيح. أليس هو من قال: من آمن بي وإن مات فسيحيا. كان الموت شقاءٌ للإنسان ومع المسيح هو عبورٌ للقيامة والحياة مع الله.
النص عميق وغني ينقلنا من مسيرة الحياة الإنسانية من الخلق الأول لحضور المسيح هو مسيرة شقاءٍ وتحول للنور من الآلام للقيامة ويضعنا أمام أسئلة مصيرية: هل نملك الشجاعة والإيمان لأن نعترف بضعفنا ونطلب المساعدة من الرب يسوع؟ هل عندنا الاستمرارية بالنضوج الروحي والتنازل عن سلطتنا الزمنية كما فعل يائيروس وهو يمثل السلطة الزمنية بتنازله للإله الحق وهو تعبيرٌ فاضح لانحناء الزمن لرب الزمن والأوقات؟ هل عندنا التواضع للتقبل؟

Comments are closed.