عظة البطريرك ميشيل الصباح الأحد الثالث من زمن المجيء/ب


متى ١: ١٨-٢٤

١٨. أَمَّا أَصلُ يسوعَ المسيح فكانَ أنَّ مَريمَ أُمَّه، لَمَّا كانَت مَخْطوبةً لِيُوسُف، وُجِدَت قَبلَ أَن يَتَساكنا حامِلاً مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
١٩. وكان يُوسُفُ زَوجُها باراًّ، فَلَمْ يُرِدْ أَن يَشهَرَ أَمْرَها، فعزَمَ على أَن يُطلِّقَها سِرّاً.
٢٠ وما نَوى ذلك حتَّى تراءَى له مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلمِ وقالَ له: ((يا يُوسُفَ ابنَ داود، لا تَخَفْ أَن تَأتِيَ بِامرَأَتِكَ مَريمَ إِلى بَيتِكَ. فإِنَّ الَّذي كُوِّنَ فيها هوَ مِنَ الرُّوحِ القُدُس،
٢١. وستَلِدُ ابناً فسَمِّهِ يسوع، لأَنَّه هوَ الَّذي يُخَلِّصُ شَعبَه مِن خَطاياهم.
٢٢. وكانَ هذا كُلُّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبُّ على لِسانِ النَّبِيّ:
٢٣. ها إِنَّ العَذراءَ تَحْمِلُ فتَلِدُ ابناً يُسمُّونَه عِمَّانوئيل أيِ اللهُ معَنا.
٢٤. فلمَّا قامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوم، فَعلَ كَما أَمرَه مَلاكُ الرَّبِّ فأَتى بِامرَأَتِه إِلى بَيتِه.

الحرب. اليوم ٧٢
يا رب، أرضنا تحمل سرًّا، هو سرُّكَ. أنت أتيت إلى هنا، في بيت لحم ولدت. في كل هذه الأرض في مدنها وقراها تجوَّلت وعلَّمت وصنعت المعجزات. هنا تألَّمت ومُتَّ على الصليب، ثم قمت، وخلقت الإنسان الجديد. والجميع يؤمنون بقداسة هذه الأرض، المسيحيون والمسلمون واليهود، والفلسطينيون والإسرائيليون. ولأنها مقدسة يريدونها. ولأنها مقدسة يصنعون الحروب. والبعض ظالم والبعض مظلوم. لو لم تكن مقدسة، لعل الحرب التي فيها اليوم لم تكن… وبدل الحياة الجديدة التي صنعتها هنا، يا رب، الموت هو السيد في هذه الأرض. وبدل الإنسان الجديد، الذي قام معك من بين الأموات، ما زال الإنسان القديم في أرضنا يصنع الحرب. ربي، نسألك، علِّمْنا أن نعيش “سرّك” في أرضنا، وحبك، والإنسان الجديد. علِّم الجميع أنَّ من أراد قداسة هذه الأرض لا يصنع الحرب، بل السلام الذي منحته أنت هنا للبشرية كلها.

إنجيل اليوم
الاثنين بعد الأحد الثالث من المجيء. الأحد القادم هو عشية عيد الميلاد. يكلمنا إنجيل هذا النهار عن ميلاد ربنا يسوع المسيح بحسب القديس متى. يوسف، لم يكن يعرف بعد سر الله. كان فكره مثل فكر كل الناس. لم يكن يعرف بعد أنه هو أيضًا صار جزءًا من سر الله، الذي لا يُدرَك، ولا يرَاه الناس: كلمة الله، يصير إنسانًا، ويتخذ جسدًا في أحشاء مريم البتول، الممتلئة نعمة.
“أَمَّا أَصلُ يسوعَ المسيح فكانَ أنَّ مَريمَ أُمَّه، لَمَّا كانَت مَخْطوبةً لِيُوسُف، وُجِدَت قَبلَ أَن يَتَساكنا حامِلاً مِنَ الرُّوحِ القُدُس. وكان يُوسُفُ زَوجُها باراًّ، فَلَمْ يُرِدْ أَن يَشهَرَ أَمْرَها، فعزَمَ على أَن يُطلِّقَها سِرّاً. وما نَوى ذلك حتَّى تراءَى له مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلمِ وقالَ له: يا يُوسُفَ ابنَ داود، لا تَخَفْ أَن تَأتِيَ بِامرَأَتِكَ مَريمَ إِلى بَيتِكَ. فإِنَّ الَّذي كُوِّنَ فيها هوَ مِنَ الرُّوحِ القُدُس” (١٨-٢٠).
دخل يوسف في سر الله. ورحَّب من غير أن يفهم كل شيء. إليه أيضًا أرسل الله ملاكًا لينيره. عالم جديد يبدأ: كلمة الله حلَّ في الأرض بين الناس. اثنان فقط يعرفان ذلك: مريم ويوسف، الأم والأب للكلمة الذي صار إنسانًا، في مجتمع الناس، وأمام الشريعة. لكن، في سر الله، أكثر بكثير مما يراه الناس. في سر الله، حب الله الذي لا يوصف. فيه يسوع، الكلمة، ابن الله، الذي أحب الناس إلى حد أنه بذل حياته من أجل خلاصهم، لكي يفديهم. في حب الله، الروح القدس الذي ملأ الرسل وغيَّر وجه الأرض. العالم القديم انتهى، والعالم الجديد بدأ مع مريم ويوسف وحب الله للإنسان الذي خلقه على صورته ومثاله.
ولنا عيد الميلاد ما هو؟
عيد أفراح، ومظاهر خارجية كثيرة، المذود، والشجرة، والزينة، والترانيم، والصلوات أيضًا، والولائم أيضًا…لكنَّا نعلم أن عيد الميلاد ليس هذا فقط. عيد الميلاد هو سر حب الله الأزلي، الحب الذي جعل كلمة الله يصير إنسانًا مثلنا، ثم يموت من أجلنا لأنه أحبَّنا. هذا هو عيد الميلاد: محبة وموت، المغارة والجلجلة.
بالإضافة إلى ذلك، في هذه السنة، في غزة حرب، والموت كثير بيننا، والقلوب مفرغة من المحبة، ومن الفرح. مأساتنا البشرية في هذه السنة تساعدنا لكي نتجاوز مظاهر الفرح الخارجية لنرى، في عيد الميلاد، مأساة الإنسان مع نفسهن ومع الله. أوضاع البلاد تعيدنا إلى الجوهر، إلى رؤية الله، وإلى حب الله، أحبنا فمات من أجلنا، ونحن جزء من المأساة. لنستفد من هذه الأوضاع، كل شيء نعمة، لنستفد من مأساتنا البشرية حتى نرى حقيقة الميلاد، ونعمة الله تسندنا لنرى الجوهر والحقيقة.
أيها الرب يسوع، عيد الميلاد يقترب، ومعه فرح العيد، فرح حضورك بيننا، وفي الوقت نفسه، صورة الجلجلة على الأفق البعيد. وفي الوقت نفسه، مأساتنا نحن البشر، التي نعيشها في هذه السنة. ربي يسوع، املأني بحقيقتك، بحقيقة عيد الميلاد، بحبك، مقابل مآسي حروبنا، والموت الملازم في تاريخنا نحن البشر. حبك يا رب، وحروبنا. آمين.

Comments are closed.