تأملات غبطة البطريرك ميشيل صباح

الاثنين ١٨/٣/ ٢٠٢٤
بعد الأحد الخامس من الصوم
يوحنا ٨: ١-١١

١ أَمَّا يسوع فذَهَبَ إِلى جَبَلِ الزَّيتون. ٢ وعادَ عِندَ الفَجرِ إِلى الهَيكلَ، فأَقبَلَ إِلَيهِ الشَّعبُ كُلُّه. فجلَسَ وجَعلَ يُعَلِّمُهم. ٣ فأَتاهُ الكَتَبةُ والفِرِّيسيُّونَ بِامرَأَةٍ أُخِذَت في زنًى. فأَقاموها في وسَطِ الحَلقَةِ ٤ وقالوا له: يا مُعَلِّم، إِنَّ هذِه المَرأَةَ أُخِذَت في الزِّنى المــَشْهود. ٥ وقد أَوصانا مُوسى في الشَّريعةِ بِرَجْمِ أَمثالِها، فأَنتَ ماذا تقول؟ ٦ وإِنَّما قالوا ذلكَ لِيُحرِجوهُ فيَجِدوا ما يَشْكونَه بِه. فانحنَى يسوعُ يَخُطُّ بِإِصبَعِه في الأَرض. ٧فلَمَّا أَلحُّوا علَيه في السُّؤال انتَصَبَ وقالَ لَهم: مَن كانَ مِنكُم بلا خَطيئة، فلْيَكُنْ أَوَّلَ مَن يَرميها بِحَجَر! ثُمَّ انحَنى ثانِيةً يَخُطُّ في الأَرض. ٩ فلَمَّا سَمِعوا هذا الكَلام، انصَرَفوا واحِدًا بَعدَ واحِد يَتَقدَّمُهم كِبارُهم سِنًّا. وبَقِيَ يسوعُ وَحده والمَرأَةُ في وَسَطِ الحَلْقَة. ١٠ فانتَصَبَ يسوعُ وقالَ لَها: أَينَ هُم، أَيَّتُها المَرأَة؟ أَلَم يَحكُمْ عَليكِ أحَد؟ ١١ فقالت: لا، يا ربّ. فقالَ لها يسوع: وأَنا لا أَحكُمُ علَيكِ. اذهَبي ولا تَعودي بَعدَ الآنَ إِلى الخَطيئة.

الحرب ١٦٣
“فصَرَخوا إلى الرَّبِّ في ضيقِهم فخلًصَهم مِن شَدائدِهم، أَخرَجَهم مِنَ الظُّلمَةِ وظِلالِ المَوت وحَطَّمَ قُيودَهم. فلْيَحمَدوا الرَّبَّ لأجلِ رَحمَتِه وعَجائِبِه لِبَني البَشَر. فإِنَّه كَسّرَ أبوابَ النُّحاس وحَطَّمَ مَغاليقَ الحَديد” (مزمور ١٠٧: ١٣-١٦).
ارحمنا، يا رب. أهل غزة ورفح في ضيق. إنهم يصرخون إليك، أخرِجْهم، يا ربّ، مِنَ الظُّلمَةِ وظِلالِ المَوت. خلِّصْهم من أيدي رجال الدماء… وأرجِعْ إليك، يا رب، رجال الدماء أنفسهم وأهل الحرب، إنهم فقدوا البصر والرشد. أعطهم أن يروا، أن يروك، وأن يعرفوا أنفسهم، وأن يعرفوا أنهم يقتلون إخوة لهم، خليقتك. ارحمنا جميعًا، يا رب. أرجع الحياة إلى غزة، وأرجِعْ النظر والرشد إلى جميع المسؤولين في هذه الحرب. ارحمنا جميعًا، يا رب

إنجيل اليوم
يسوع يغفر للمرأة الزانية.
“فأَتاهُ الكَتَبةُ والفِرِّيسيُّونَ بِامرَأَةٍ أُخِذَت في زنًى. فأَقاموها في وسَطِ الحَلقَةِ، وقالوا له: يا مُعَلِّم، إِنَّ هذِه المَرأَةَ أُخِذَت في الزِّنى المــَشْهود. وقد أَوصانا مُوسى في الشَّريعةِ بِرَجْمِ أَمثالِها، فأَنتَ ماذا تقول؟ وإِنَّما قالوا ذلكَ لِيُحرِجوهُ فيَجِدوا ما يَشْكونَه بِه. فانحنَى يسوعُ يَخُطُّ بِإِصبَعِه في الأَرض. فلَمَّا أَلحُّوا علَيه في السُّؤال انتَصَبَ وقالَ لَهم: مَن كانَ مِنكُم بلا خَطيئة، فلْيَكُنْ أَوَّلَ مَن يَرميها بِحَجَر! ثُمَّ انحَنى ثانِيةً يَخُطُّ في الأَرض” (٣-٨).
الناس يشكون والله يغفر. الله يشكو المشتكين. “مَن كانَ مِنكُم بلا خَطيئة، فلْيَكُنْ أَوَّلَ مَن يَرميها بِحَجَر”. الناس يشكون غيرهم، لكنهم لا يرون خطايا أنفسهم. ويسوع جاء ليخلِّصَ الجميع، لا ليَدين.
ما زال الحكم على الزانية بالقتل معمولًا به، في بعض المناطق حتى اليوم. وكذلك التجديف. والسلطة المدنية هي التي تنفذ… وهم لا يعرفون بالتأكيد كلام يسوع، والشرط الذي يسمح بالتنفيذ: “مَن كانَ مِنكُم بلا خَطيئة، فلْيَكُنْ أَوَّلَ مَن يَرميها بِحَجَر”. وأيضًا: اريد الرحمة لا الذبيحة.
مع وصية المحبة التي تلخص كل شريعة الله، لم يَعُدْ يُفرَضُ عقاب الموت على خاطئ، لا زنى ولا تجديف ولا أي خطيئة أخرى. في شريعة الله رؤى جديدة: المحبة، محبة الله، وفي الإنسان، القلب التائب، والإنسان يقتدي بمحبة الله خالقه وأبيه، وكلام يسوع هو المرشد والهادي: “اذهَبي ولا تَعودي بَعدَ الآنَ إِلى الخَطيئة” (١١).
سبق وقال النبي أشعيا: إن الله لا يريد موت الشرير، بل أن يتوب ويحيا. ويسوع، بموته وقيامته، منحنا الحياة الجديدة. فنحن مدعُوُّون إلى الحياة. توبوا وعودوا إلى الحياة.
“فلَمَّا سَمِعوا هذا الكَلام، انصَرَفوا واحِدًا بَعدَ واحِد يَتَقدَّمُهم كِبارُهم سِنًّا. وبَقِيَ يسوعُ وَحده والمَرأَةُ في وَسَطِ الحَلْقَة. فانتَصَبَ يسوعُ وقالَ لَها: أَينَ هُم، أَيَّتُها المَرأَة؟ أَلَم يَحكُمْ عَليكِ أحَد؟ فقالت: لا، يا ربّ. فقالَ لها يسوع: وأَنا لا أَحكُمُ علَيكِ. اذهَبي ولا تَعودي بَعدَ الآنَ إِلى الخَطيئة” (٩-١١).
لم يأت يسوع ليَدِين، بل ليغفر. وأمامه يغيب الذين يتَّهِمون إخوتهم. هم أيضًا الذي يتَّهمون غيرهم، والذين كانوا يحاولون أن يقتلوا يسوع، ورفضوا رؤية أعمال الله، كان يمكنهم أن ينالوا المغفرة. وكان الشرط الوحيد لذلك: أن يريدوا، أن يطلبوا المغفرة.
“وأَنا لا أَحكُمُ علَيكِ. اذهَبي ولا تَعودي بَعدَ الآنَ إِلى الخَطيئة”. ونحن أيضًا، المؤمنين بيسوع، لم نُرسَل للحكم على الناس، أو لنتَّهِم، بل لنكون إخوة لكل إخوتنا، ولنُسنِدَ بعضُنا بعضًا في طرق الحياة الصعبة.
كل واحد منا مخلِّصٌ لأخيه، كما أن يسوع هو مخلِّصُنا جميعًا. أرسَلَنا الله لنُحِبّ كما هو يُحِبّ، ولنغفِرَ كما يغفر هو. ولنُرشِدَ إلى طريق الحياة، ولنقولَ لكل واحد ولأنفسنا: “اذهَبي ولا تَعودي بَعدَ الآنَ إِلى الخَطيئة”.
ربي يسوع المسيح، جِئْتَ لتخلِّصَنا، كلَّنا، حتى صانعِي الحرب. اهدِهم، يا رب. إنهم يدَّعُون إصلاح الأمور بالدم والنار، كما هو الأمر الآن في أرضك، هنا حيث جئت لتمنَحَنا الحياة الجديدة. افتَحْ يا رب، عقولهم وقلوبهم، وأدخِلْ أرضك في حياة القيامة الجديدة. آمين.

Comments are closed.