ينابيع العِلِم تتفجر من جديد
نورسات الاردن /د. جلال فاخورى
بعد جفاف عيون المعرفة مدة تقارب العشرين شهراً بدأت هذه العيون المعرفية ترفع الأعلام معلنة عودة العلم إلى العيون التي كانت مغلقة.
اليوم تبدأ المعرفة تطفح من عيون الطلبة والتي كنّا ننتظر هذه المعرفة في زمن الوباء. وكنا نتساءل ما قيمة الحياة بدون هذه المعرفة. اليوم نتساءل من الفائدة المرجوة من عودة العلم الوجاهي لطلابنا؟ عن ماذا نبحث من المعرفة؟ هل من الأرقام والقيم أم عن أدب لا قيمة له؟ أم عن الروح المقصودة من العلوم والمعارف؟ إن المدّة التي أمضاها طلابنا في المنازل بذريعة التعلّم عن بعد هي مدة ضائعة في ميزان العلم الوجاهي إذ إن اشتباك الحوار مع الأستاذ ومع الغير هو النافع وعليه فإن التعليم عن بعد هو تجهيل موصوف ومرصود إذ هو للهو لا للعلم.
فالروح العلمية التي تنشأ بين الطالب والمعلم وحرارة النقاش تبث في النفس سراً جديداً هي الروح المستقبِله. واستناداً إلى هذا الفهم الواعي المتأتي من النقاش والحوار تنبُتُ المعارف في النفس. أما الطلاب يُستقبلون بالصفوف الأعلى فهذا يعني أن بُعْدْ الطالب السنوات دون تعلّم مفيد لهم وضار بالعلم. صحيح أنه لم يكن بالإمكان استمرار دوام الطلبة فترة حدّة الكورونا ولم يكن من طريقة للتعلم إلا طريقة الدراسة البيتية، لكنّ هذه الدراسة هي فزلكة لا قيمة فها.
من هنا كانت عودة الطلبة للمدارس ضرورة تستدعيها قيمة العلم نفسه. إن قيمة العلم تنبع من الحوارات الوجاهية لا التعلم بالكمبيوتر وأن قيمة العلم بمدى ما يكتسبه الطلبة من روح. فلا القرارات ولا النصوص تخدم العلم إذا لم يكن المتعلم متوجاً بروح قابلة للعطاء والأخذ، أي بعبارة بسيطة أن العمل ينبع من استعداد المتعلم لقبول وعطاء وتبرير وتحليل وتمحيص ما يتعلم من قوانين وأرقام ونصوص. لهذا يفرح أهالي الطلبة بعودة أبنائهم إلى الصفوف والمعلم واللوح والقلم والتفسير والشرح وما إلى ذلك.
لن تمر مراحل تعليمية سابقاً مثل هذا، ولهذا تخرج طلابنا بتفوق وأصبحوا مبدعين في كافة المجالات. أما الإنتظار من طالب درس على التلفون أن يبدع فنحن نطلب المستحيل ولا وجود له إلا النادر. ونود أن نذّكر أن الإصرار على التدريس الوجاهي هو اعتراف صريح وضمني أن التدريس على الأون لاين هو الهاء للطلبة بل ومحاولة تجهيل قصري.
Comments are closed.