قديسة من ارضنا ظهرت لها العذراء ورسمتها: الأم ماري الفونسين “عاشقة الوردية”
نورسات الاردن
هي “سلطانة”، بنت من بنات ارضنا. من القدس. وابنة دانيل غطاس وكاترينا يوسف. الام ماري الفونسين الفلسطينية تُعلَن غدا قديسة في الفاتيكان، مع راهبة فلسطينية اخرى الاخت “مريم بواردي”. “انهما نور وعزاء وسط الصعوبات التي نمر بها، وتحييان الامل في قلوب المؤمنين في الشرق الاوسط”، يقول عنهما بطريرك اللاتين في القدس فؤاد الطوال. وفي لبنان، تبحر راهبات الام ماري الفونسين في الفرح. “تقديس مؤسسة رهبنيتنا تقديس لنا جميعا”، تقول النائبة العامة الرئيسة الاقليمية لرهبنة الوردية في لبنان الاخت سيلفستر علم لـ”النهار”. والى روما، وصل 504 لبنانيا على الاقل من لبنان ليحتلفوا مع البابا فرنسيس بـ”قديسة الوردية”.
مسؤوليات التقديس
وفي التواريخ اكثر من مصادفة. الام ماري الفونسين (1843-1927) مكرّمة العام 1994، طوباوية العام 2009، وقديسة الاحد 17 ايار 2015. “نقرأ علامات الازمنة. وكان لافتا للغاية صدور اعلان تقديسها في 8 كانون الاول 2014، اي في عيد الحبل بلا دنس، عيد القديسة مريم التي كانت تظهر على قديستنا، وهي التي طلبت منها تأسيس الرهبنة”، تقول علم.
على “عناية الهية” تتكلم لتفسير تعاقب الاحداث وتواريخها. “تقديس الام ماري الفونسين في سنة التكرس التي اعلنها البابا فرنسيس، يحمل معان كبيرة لنا. فالمكرسون، وراهباتنا منهم، يعيدون النظر في هذه السنة بتكرسهم ورسالتهم ودعوتهم الرهبانية وكيفية تثميرها في الشرق والعالم. وتقديس مؤسسة رهبتنا في السنة نفسها يضعنا امام مسؤولية الغوص اكثر في العمق، لجهة التأمل واعادة النظر في حياتنا المكرسة. تقديس امنا ماري الفونسين تقديس لرهبنتنا برمتها”.
63 راهبة وردية لبنانية في لبنان، من مجموع 244 راهبة تضمهن الرهبنة حاليا. من الاراضي المقدسة، انطلقت الرهبنة التي اسستها ماري الفونسين مع الخوري يوسف طنوس يمين (1880) بناء على طلب القديسة مريم، لتصل الى الاردن (1885)، لبنان (1930)، مصر(1991)، سوريا (1991)، الخليج العربي (الكويت، ابو ظبي، الشارقة- 1961). وبعد 135 عاما، تحقق انتشارا عبر 21 مركزا وديرا ومدرسة في الاراضي المقدسة، 23 في الاردن، 10 في لبنان، 4 في الخليج العربي، 1 في مصر، 1 في روما (1964).
من اللحظة الاولى لاعلان التقديس، اعدت راهباتها، لاسيما في لبنان، نشاطات ولقاءات روحية وامسيات صلاة وسجود وصوم، استعدادا لليوم الكبير. تقول علم: “حضرنا وواكبنا بكل عناية كل ما تتطلبه المناسبة. وفي الوقت نفسه، كنا متنبهين الى ضرورة عدم الانجراف وراء المظاهر الخارجية. تقديس الام ماري الفونسين يدعونا في الدرجة الاولى الى اعادة النظر في حياتنا الروحية وتكرسنا وتفعيله”.
اعادة النظر تلك تحفزها حياة الام المؤسسة ورسالتها وتوصياتها. “تقديسها يذكرنا بطريقة عيشها. لقد اخبرتنا في مخطوط تركته لنا عما عاشته من فقر وعفة وتواضع وطاعة. وكم كانت الطاعة صعبة في حياتها، لكنها عاشتها بكل امانة”، تقول علم. حيرة، خوف، صعوبات كثيرة، وحتى اضطهادات، واجهتها القديسة في حياتها. “وكانت دائما في اصغاء لله ومشيئته، كي يكون التمييز في اختياراتها واختباراتها الروحية تمييزا الهيا. وتقديسها اليوم يحفزنا على ان نتأمل في سيرتها ونقتدي بها، كي يراها المؤمنون في كل راهبة من راهباتها”.
“وردية”… ومعجزات
على “التشبه بيسوع المعلم وامه مريم العذراء مربيته”، ترتكز رسالة الرهبانية الوردية. “وهي تتجسد في تربية الفتاة العربية، الام المستقبلية وتعليمها، وتأمين التنشئة والتعليم المسيحي للفتيات والامهات في المدارس والرعايا. وروحانيتنا مريمية، تقوم على التشبه بامنا مريم العذراء المكرسة الاولى، والاقتداء بفضائلها. وهي تتغذى من كلمة الله واسراره المقدسة، مستقية تمايزها من التأمل باسرار المسيح برفقة امه مريم في اسرار الوردية”.
“الوردية” ما فارقت يوما شفتي الام ماري الفونسين، تحقيقا لرغبة العذراء مريم. “الوردية كنزك. اتكلي على رحمتي والجود الالهي القدير، وانا ادبرك”، قالت لها العذراء في احد الظهورات. علاقة عشق كنّتها الام ماري الفونسين للعذراء، وبقيت تهدهد ورديتها حتى الرمق الاخير. “في 25 آذار 1927، توفيت وهي تتلو البيت الـ14 من السبحة”، كُتِب في الاوراق. وفيها ايضا، معجزات دُوِّنت بالاسماء والتفاصيل، بينها معجزة جرة الزيت الفارغة التي طفحت زيتا بطريقة لا يمكن تفسيرها احدى المرات. “وراحت الاخت ماري الفونسين تجمع ما فاض منه لتدهن به المرضى”.
في الملف، معجزات ثبتتها الكنيسة، وحصلت بعد موت القديسة وبشفاعتها: “انتشال الفتاة نتالي زنانيري سالمة من جورة صرف صحي في يافة-الناصرة العام 2003، بعد وقوعها وبقائها فيها بين 5 و8 دقائق (اعجوبة التطويب). شفاء فتاة عمياء بواسطة ماء مقدس مبارك بسبحة القديسة في بيت لحم. عودة الحياة الى رجل توفي، بعد تقطير ماء مبارك بسبحتها. عودة الحياة والصحة الى الشاب اميل الياس الذي صعقته الكهرباء وكان في حالة كلينيكية مستعصية (اعجوبة التقديس). وقد تمت تلك المعجزة في يوم الاحتفال بتطويب الام ماري الفونسين”. وتقول علم: “هذا ما نصليه في تساعيتها: بصلاة الوردية الدائمة، طَلبتِ الشفاء للاعمى فشُفي، وللعاقر فانجبت، وللغريق فنجا، وللمشرف على الموت فعاش”.
مخطوطان ورسم للعذراء
وايضا… 10 ظهورات للعذراء مريم، مخطوطان ورسم جميل بالابيض والاسود بيد القديسة ماري الفونسين. في الرواية (*) ان “الام ماري الفونسين اسرّت لشقيقتها الام حنة، وهي على فراش الموت: بعد موتي، اذهبي الى مكان كذا، تجدي دفترين صغيرين مكتوبين بخط يدي. خذيهما وسلميهما الى البطريرك برلسينا. وبعد وفاتها، عثرت حنة على المخطوطين، واولهما يتضمن رواية ظهورات مريم العذراء، مختوما بالشمع الاحمر”. وسلمتهما الى المراجع الدينية الرسمية. ومذاك ذاع السر: الام ماري الفونسين قديسة.
تصف الام ماري الفونسين مريم العذراء كالآتي: “رأيتها بنور صاف كالابريز، والمسبحة الوردية بين يديها، محاطة بصفوف من النجوم بعدد 15، وتحت قدميها كانت النجوم بعدد 7. وكان محرر بحروف الذهب اللامع افراح واحزان مريم البتول. وفوق اكليلها حرر “بتولات الوردية السرية”. هذا ما شاهدته وسط نور صاف. والكتابة كانت ايضا بنور صاف، ما اعرف باي شيء اشبهه، ولم اجد كلاما لشرحه. حينئذ سكبت قلبي بالمحبة لها (*)”.
وكانت “سيدة الوردية” تزور الام ماري الفونسين “كثيرا وبانواع (اشكال) فائقة العقل البشري”. “جودة امي مريم لا حد لها، ولا توجد السنة تشرحها، ولا كتب تسع تفسيرها، ولا صورة تشبه جمالها”. وقد رسمت ماري الفونسين مريم العذراء، كما ظهرت لها. ووجد الرسم بين اوراقها. ومما دونته من اقوال مريم العذراء لها: “الوردية تنزع من الارض كل شر وبلية”. بالوردية يصير عمار روحي في جميع ارساليات الابرشية وغيرها”.
بين الفاتيكان ولبنان
في الساعات الاخيرة، تكثفت الاتصالات، وتزاحمت مواعيد الاخت علم لاستكمال تحضيرات ساعة التقديس. تبعا للبيانات امامها، يبلغ عدد اللبنانيين الذين توجهوا الى روما في اليومين الاخيرين للمشاركة في قداس التقديس 504. “رهبنتنا نظمت بالتعاون مع اذاعة “صوت المحبة” رحلة حج الى روما في المناسبة. وتضم 102 تلميذا من مدرسة المنتزه التابعة للرهبنة، مع اساتذة واهالي وموظفين في مدارسنا وابناء رعايا نعنى بها”. وعندما يكتمل النصاب الاحد، يكون في الطليعة ايضا البطريرك الطوال والرئيسة العامة للرهبنة، مع 3 من مستشاراتها.
بانتهاء التقديس، تتوالى قداديس شكر في الاراضي المقدسة خلال ايار وحزيران. ويحتفي لبنان بالتقديس وفقا للبرنامج الآتي:
-عرض “سهرة ما قبل التقديس” على محطات تلفزيونية مساء السبت 16 ايار 2015.
-عرض حلقة تنشئة للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي مع رهبنة الوردية على “نورسات”، ضمن برنامج “بشرى الراعي”.
-28 حزيران 2015: قداس شكر في بازيليك سيدة حريصا 11,00 ق.ظ، يترأسه البطريرك الراعي.
-انتاج فيلم عن القديسة من تأليف واعداد الاب فادي تابت، واخراج شارل شلالا.
-اصدار البوم تراتيل للقديسة، من اعداد الاخت ماغالي مرعب.
-رسيتال تراتيل وفولكلوريات للحبيس حنا خوند.
-تدشين مزار للقديسة خلال الاشهر المقبلة في مركز الرئاسة العام للرهبنة في بيت مري. وتوضع فيه ذخيرة من عظم القديسة للتبرك منها. والذخيرة موضوعة حاليا في كنيسة الوردية في المقر.
من اقوال القديسة
“سكبت عليّ مريم عبادة حارة نحو يسوع الهي في القربان الاقدس وتلاوة سبحة الوردية وممارسة درب الصليب”. “اواه يا ربي. اهكذا تجود وتعزي الخطأة غير المفتشين عليك؟ مما عسى تكون محبتك نحو اصدقائك واصفيائك؟ آه من يفهمك يا مريم امي ومن يدرك جودة اشفاقك على بنات جنسك، خصوصا الحائرات من عيشتهن”. “اختي العزيزة، الا تعلمين اننا نشتري الجنة بالتواضع؟” “اني اموت مسيحية، وراهبة وردية حقيقية”.
*كتاب القديسة ماري الفونسين غطاس: رواية الظهورات والارساليات الاولى-الام براكسيد سويدان.
Comments are closed.