صوم العذراء مريم بقلم الاب جورج شرايحه.

مع بداية صوم العذراء مريم بحسب تقويم كنيسة الروم الملكيّين الكاثوليك أرغب بالحديث عن الصوم في مفهومه العام.

الصوم في اساسه في كل الديانات.

هو ترك العالم فترة للاختلاء مع الله. محبة به ،وزهد في كل ما هو سواه،مبتغى ذلك الوجه الكريم. سيد الضياء ،والسائر على اجنحة الريح، الرفراف على وجه الغمر ، سيد البحار. صاحب الولاية والسلطان.


حتى الموج العاتي يخرس امام صوته ،ويرتعب ،فيصمت ويعود ساكنا كأن شيء ما كان.


ففي الصوم جوع لله .وتوق لوقت هو سيده،وحاجة للتعرف على من يطعمني خبزي كل الايام، ولكني اليوم اريد انا ان اشاركه في اطعام الناس بكل عمل خير ،ورحمة بالاخر الذي ارى فيه وجه الله.
الطعام والشراب حاجات اساسية بيولوجية لاستمرار حياة الجسد ،هذا الذي هو هيكل الروح،وعندما انشغل عنه قليلا في الروح الذي فيه ،فأني اقوي الذي يسيره ،فكأني اقوي كياني ككل،جسد وروح.
قال يسوع عن نفسه:
“أنا خبز الحياة”
“وليس بالخبز وحده يحيا الانسان”
قد تبدو مفارقة غريبة .الا ان الواقع يوضح الامر جليا، اذ عرفنا ان هناك نوعان من الخبز
الاول مادي والثاني جوهري.
خبز المادة من الارض وخبز الجوهر الذي هو نفسه جسد الرب يسوع ،والذي بأكله نصير منه، ونشبهه الى حد قريب
وبين الخبز الارضي وخبز السماء هناك الجوع السفلي ،وبينهما الصوم الروحي.
علاقة توضح بكل يسر علاقة الجسد بالروح
فلكل منهما حاجته للحياة ،الجوع للخبز الارضي موت .
والصوم لاجل الخبز السماوي حياة ابدية.

في الصوم تتعلم ان الغبطة في العطاء وليس في الاخذ.
ان فهمت جوهر الصوم بمعنى الامساك عن حاجتك لاجل حاجة اخوك فأنت صائم كل ايام حياتك ،عن الانانية والانطوائية والانا المركزية،الصوم عن كل ما يلوث هيكل الروح الذي فيك،كي تأكل خبز السماء على مائدة نظيفة.
خلاصة فهمي الشخصي للصوم ،هو ان امتنع عن كل ما هو سو الله ،ولا ادخل الى قلبي الا الالهيات بمعنى كل ما هو خير وصلاح،ولا ادخل اليه الشر والطالح، واعرف ان اقول لله نعم واحده في كل ما يطلب، ولا والف لا لكل سفراء ابليس من هذا العالم الفاني
صوماً مقبولاً واياماً مباركةً والعذراء مريم تتشفع فيكم