أحد شفاء الأعمى بقلم الخوري شوقي كرم

“ما تُريدُ فأفعّلَ لَكَ؟… أن أُبصِرَ، يا مُعلِّمي” (51)
بتدعينا أمّنا الكنيسة بها الأحد للتأمل بآخر عجيبة عملها يسوع مع برطيما إبن طيمى الأعمى قبل دخولو الأخير إلى أورشليم وفْق الأناجيل الإزائيّة متى ومرقس ولوقا؛ نتأمل بها العجيبة الّلي يبدو إنها العجيبة الأغلى على قلب يسوع، ويريد اليوم وكلّ يوم أنو يحقّقها مع كلّ مين بيلتفت لئلو وبيصرخ ” يا يسوع ابن داود، ارحمني” (آية 47).
1- بالمشهد الإنجيلي عنا يسوع بالوسط، ومن جهّة برطيما أعمى العينين المهمّش من الجموع، والعايش عجنب الطريق لأنو محكوم عليه بإنو خاطيِ والعمى قصاصو، والمُستهزء فيه لأنو غير منتج، وأكتر شي بيستحقو من الناس، بعض الفلوس اللي كنت تُرمى لئلو عند ردائو بدون ما حدا يطلّع فيه.
2- وعنّا بالجهة التانية حول يسوع اتباعو، نخبة الرسل والتلاميذ اللّي كانوا شايفن يسوع وسامعينو، وماشين معو بالطريق، ولكن بصيرتن بعدا معميّ رغم كلّ شيء.
1.1- برطيما الأعمى لمّا سمع ” أن ثمّة يسوع الناصري، أخذ يصرُخ “يا يسوع ابن داوُد، ارحمني” 47؛ والصرخة صرخة إيمان، وصرخة الإيمان ما حدا بيقدر يسكّتها إلّا الله، لأنو بيستجيب لئلها.و
2.2- ونخبة المُقرّبين من يسوع اللي، قبل هالمشهد مباشرة، كانوا بالطريق معو، عم يصرخوا ويطلبوا من يسوع مركز عن يمينو وشمالو، إيمانَنْ بإنو هوّي المسيح الملك، وملكو أرضي، عيطوا عالأعمى وسكّتوا. وهودي صرختين عَمى روحيّ وإنسانيّ حقيقيّ، ويسوع بيهمو يسكّتن فينا: أول صرخة بيهمّو ليسوع يسكّت فينا هي صرخة الطمع بالمراكز، بالسلطة والمال، والفردانيّة: “اللي بدو يكون عظيم فيكن بدو يكون خادم للجميع، متل ابن الانسان اللي إيجا ليِخْدُم مش ليُخدَم”؛ وتاني صرخة بحب يسكّت يسوع فينا صرخة الحكم والدينونة عالخاطيين: بعد اليوم مش أنا بدّي إدعي الخاطيين يجوا لعندي، إنتو باسمي بدّكن تدعون: “فوقف يسوع وقال لهم : “ادعُوه” (49).
وهيك تمّمّ يسوع العجيبة الغالية عقلبو اللي أراد يحقّقها قبل دخولو لأورشليم للمرّة الأخيرة:
جماعة المأمنين اللي ماشيين معو متلنا، نخبة الرسل والتلاميذ، نفتحت بصيرتن وتحرّروا من عماهن الروحيّ، وفهموا إنو دعوتن الأساسيّة يلتفتوا بالمهمّشين والمنبوذين والخاطيين، ويروحوا لعندن، ويلتقوا فين، وباسم الربّ يبشرون بإنو يسوع “عم يديعين هنّي كمان ليجوا لعندو”، لإنو بحبّن، وهوّي تجسد ومات وقام لأجلن ولأجل خلاصن: “فدعَو برطيما الأعمى قالوا: “ثِقْ وقُمْ، فإنّه يدعوك” (49).
وبرطيما أعمى العينين ومنفتح البصيرة، اللي، من السماع بأخبار يسوع الناصريّ، آمن بأنو هيدا هويّ ابن داوود المنتظر، هيدا هوّ المسيح المخلّص، وطلب رحمتو. ولما إجا لعند يسوع وسألو عطاه يسوع بغية قلبو: أكدلو لبرطيمو حقيقية إيمانو بإنو هوّي فعلًا المسيح المنتظر، وهويّ مخلّص اللي بآمن فيه: وقالَ يسوع “ما تُريدُ فأفعّل لك؟ ” قال الأعمى: “أن أُبصِرَ، يا ربّي، يا مُعلِّمي” (51). فقال يسوع: اذْهَبْ، فإيمانُك نجَّاك” (آية 52).
والغاية الأخيرة لها العجيبة، وغاية كلّ عجيبة هييّ إنو المنبوذ والمهمّش والخاطي والمحكوم عليه، ما يبقى عا هامش الحياة، متل برطيما، بل يسمع بلسانّا نحن المسيحيي جماعة يسوع، كنيسة يسوع، دعوة يسوع لئلو بالذات، ويشوف محبّة ورحمة يسوع لئلو بكلّ شي عم نعملوا تجاهو لنربحوا للمسيح مش لئلنا، لحتى لمّا يلبي الدعوة، يقدر متل برطيما، يترك الأغلى اللي عندو ويجي لعند يسوع، ويتمّسك فيه ” فطرح الأعمى رداءه ووثب إلى يسوع (آية 50)، ولحتى يقدر يعاين بهاء ومجد وقوّة يسوع بحبّ كنيستو، ويقدر يختار يتبعو في الطريق، “فأبصرَ الأعمى لِوقته، وصار يتبَعُ يسوع في الطريق (آية 53)”؛ واللي منربحو ليسوع بحاجة يختبر محبتو لئلو بمحبتنا لئلو، ليقدر ينضم لئلنا ويصير واحد منا، ونمشي سوى بالطريق الوحيد للحياة، طريق التلمذة، طريق اتباع يسوع، طريق التشبّه والاقتداء بيسوع، الطريق اللي بودي لحمل الصليب، صليب الطاعة لمشيئة الآب وحبّ الآخرين حتى بذل الذات؛
خلينا نرجع للأساسيّ بحياتنا، ونتعاون لنخلّي عجيبة يسوع الأخيرة تتكرّر بجماعتنا الراعوية: خلّينا أوّلًا نرجع نجدّد خيارانا الأساسيّ باتباع يسوع كمعلّم ومخلّص وحيد لئلنا، لنقدر نتحرّر من انقسامتنا ويصير فينا فكر المسيح فقط، وفكر المسيح الواحد يرجّعنا واحَد فيه. وخلينا تانيًّا نحط كلّ واحد منّا ما أعطي لئلو من وزنات بخدمة رعيتنا، بخدمة شركة المحبّة الكنسيّة، لنتحرّر من الفردانيّة، ولتصير جماعتنا، بكل زمن، بزمن الشدّة متل اليوم، كما بزمن السلم، جماعة بتشهد ليسوع بمحبة أعضاءها لبعضن البعض، وبمحبتن للخاطي والغريب والمحتاج، جماعة سلاحها الوحيد متل بولس تبشر بإنجيل يسوع، تبشّر بكلمتو القادرة على هدم الحصون اللي بتفصل بين الناس، وعلى هدم الأفكار اللي بتبّعد عن الله، وبتهدّم كلّ شموخ مُتصّدٍّ لمعرفةِ الله، وهيك بنأسر كلَّ فِكرٍ لطاعة المسيح (2قور 10: 4-5)، م. وهيك منصير بحقّ جماعة مُخلّصة ومُخلِّصة كما يريد يسوع كنيستو. إلو المجد للأبد، آمين.