البطريرك الماروني: نصلّي معًا من أجل خلاص لبنان ونهوضه مما يعاني من أزمات سياسية واقتصادية ومالية ومعيشية

نورسات الاردن

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد الثالث من تشرين الأول أكتوبر في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان، وألقى عظة قال فيها “نصلّي معًا من أجل خلاص لبنان ونهوضه ممّا يعاني من أزمات سياسيّة واقتصاديّة وماليّة ومعيشيّة، ومن أجل إنهاء الحالة الشّاذة التي يعيش فيها كدولة تحتاج إلى وحدة القرار والمؤسّسات والقوى المسلّحة”.

في عظته مترئسا قداس الأحد في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان، أشار البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى أن مجلس كنائس الشرق الأوسط يحيي في الثالث من تشرين الأول أكتوبر “صلاة ختام أيّام “موسم الخليقة” التي بدأت في أوّل أيلول الماضي وتنتهي في الثالث من تشرين الأوّل، بموضوع: “بيت لنا جميعًا؟ تجديد بيت الربّ”، وقال غبطته: “أيّام “موسم الخليقة” دعوة لكلّ واحد وواحدة منّا لاحترام الطبيعة والبيئة، بيتنا المشترك الذي أراده الله للبشر أجمعين. فبمقدار ما نحافظ عليه، نحافظ على صحّتنا وصحّة أجيالنا، ونجسّد ثقافتنا، ونقدّم لشعبنا ثقافة الترقي والنموّ الشامل”.

هذا وأشار البطريرك الراعي في عظته إلى أن “لبنان بحاجة إلى التحرّر من المضلّلين والكذبة الذين يستغلّون طيبة الشعب بالكلام المعسول فيما هم يمعنون في الفساد، ونهب مال الدولة، والتفلّت من الضرائب، فإذا بالدولة تنهار والشعب ينوء تحت ثقل الفقر. فنقول إنّ المرحلة الحاليّة تستلزم من الحكومة الجديدة الصراحة والإقدام في المواقف حيال جميع القضايا التي يشكو منها الشعب اللبناني، وأن توفّر الأسباب الوجيهة لكي تحوز على تأييد الناس لها. لقد أيَّدنا جميعًا هذه الحكومة وتمنّينا لها النجاح وما زلنا، ويبقى عليها أن تؤيد ذاتها بأداء رائد وبإبراز قدرة وزرائها على الاضطلاع بمهامهم. لذا، ينغي عليها أن تتخطّى انتماءات أعضائها وتعلو فوق الأحزاب والطوائف، وتصدَّ القوى التي تسعى إلى الهيمنة على مسارها وقراراتها. فتتمكّن من إثارة القضيّة اللبنانيّة في اتصالاتها العربيّة والدوليّة، ومن طرح موضوع حياد لبنان الذي يبقى الضامن لنجاح جميع الحلول. وفي المقابل إن معالجة القضايا الحياتية ملحّة نظرًا لانتشار الفقر. وما يضاعف الحاجة إلى معالجة القضايا الحياتيّة والاجتماعيّة أنَّ الإضرابات تعمّ غالبيّة القطاعات والنقابات طلبًا لزيادة الأجور”.

“الشعب لم يعد يتحمّل تدوير الزوايا بين الحقِّ والباطل، وبين السيادة والإذعان، وبين القاتل والضحية”، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظته، وأضاف “أصدقاء لبنان العرب والدوليّون ينتظرون التزام سياسة واضحة، وأداء مستقيم لكي يشاركوا في نهضته الاقتصاديّة والماليّة، بعيدًا عن الإزدواجيّة الممقوتة. فلا نستطيع أن ندّعي الحفاظ على السيادة وندع المعابر الحدوديّة مشرَّعة، والمواقف الغريبة المسيئة إلى السيادة من دون ردٍّ. لا نستطيع تأييد الشرعيّة والقبول بتعدّديّة السلاح وازدراء المؤسّسات، وبإنشاء جيش تابع لدولة أجنبيّة على حدِّ اعتراف أحد كبار المسؤولين في تلك الدولة. لا نستطيع الحديث عن تأمين العامِّ الدراسيِّ، ولا نوفِّر للمدارس والجامعات المساعدات والظروف المناسبة للانطلاق بشكل طبيعيّ. لا نستطيع رفع شعار النأي بالنفس ونبقى منحازين إلى محاور إقليميّة تتنافى مع مصلحة لبنان. لا نستطيع الوعد بمجيء المساعدات والاختلاف على أرقام العجز وعلى كيفيّة التفاوض مع صندوق النقد الدوليّ. لا نستطيع الإصرار على التحقيق في جريمة المرفأ، ونَمتنع عن الدفاع عن المحقّق العدلي والقضاء”.

وتابع غبطته قائلا “صحيح أنّه لا يجوز للحكومة التدخّل في شؤون القضاء، لكن واجبها التدخّل لوقف كل تدخّل في شؤون القضاء. إنَّ التدخّلات التي يتعرّض لها المحقِّق العدليّ من شأنها أن تؤثّر على مواقف الدول الصديقة تجاه لبنان بالإضافة إلى أنّها تُضعف هيبة القضاء عندنا. ونتوجّه إلى المرجعيّات القضائيّة لكي تتحرّك بجرأة، وتدافع عن ذاتها والقضاة، وتضع حدًّا للخلافات بين القضاة، وتُحصِّن الجسم القضائيّ ضدّ أيِّ تدخّل سياسيٍّ أو حزبيٍّ أو ماليّ أو طائفي. أمّا القوى السياسيّة فعليها أن تخفّف من الاحتقان، وتلتقي في أُطر وطنيّة وديمقراطيّة جدّية وجامعة وذات صدقية، وتتحاور في ما بينها مباشرة لإنقاذ لبنان. فالوطن يدعونا إلى توحيد الصفوف والنضال في سبيل استعادة السيادة والاستقلال المخطوفَين. وما من نضال لبنانيٍّ بلغ هدفه خارج وحدة الموقف. وما من خسارة وقعت إلا بسبب الإنقسام والتفرّد بالقرار والانجرار وراء المزايدات والشعبويّةِ والأنانيّة”.

وختم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظته مترئسا قداس الأحد قائلا “فلنصلّ إلى الله كي يهبنا الحكمة والفطنة لحسن التمييز، والسير على هدي كلامه، كلام الحياة الأبديّة. له المجد والتسبيح الآب والإبن والروح القدس الآن وإلى الأبد، آمين”.

Comments are closed.