المسامحة والمغفرة عند المقدرة بقلم الدكتورة باسمة السمعان


ونحن في بدايةِ زمنِ التحضيرِ لمجيءِ ملكِ السلامِ يسوعِ المسيح ، لا بد لنا من الحديثِ عن معنى المسامحةِ والمغفرةِ حيث انهما جانبانِ أساسيانِ في بناءِ علاقاتٍ صحيةٍ يعززانِ التفاهمَ والسلامَ الداخلي ، إنهما مفهومانِ يحملانِ في طياتهما قوةً عظيمةً لتحقيق التسامحِ والسلامِ في المجتمعاتِ والعلاقاتِ الفردية ، فالمسامحةُ لا تعني نسيانَ الإساءة ، وإنما تعتبرُ تقديمَ فرصةٍ للشفاءِ وإعادةِ بناءِ الثقةِ بين الأفراد.
المسامحة : رحلة نحو السلام الداخلي
المسامحةُ ليست مجردَ عمليةٍ ميكانيكيةٍ تتمُ بناءً على الكلمات ، بل هي تجربةٌ داخليةٌ تتطلبُ قوةَ الإرادةِ والتفكيرِ العميق ، فعندما نتحدث عن المسامحةِ عند المقدره نشير إلى القدرةِ على المغفرةِ حتى في ظلِ الصعوبات ، إن المسامحةَ عند المقدره تعني أنّ الفردَ يمتلكُ القدرةَ على التحكمِ في استجابتهِ للأحداثِ السلبيةِ والإساءات .
تتطلبُ المسامحةُ فهمًا عميقًا للحقيقةِ والقدرةِ على رؤيةِ الوضعِ من منظورٍ واسع ، عوندما يكون الشخصُ قادرًا على المسامحةِ ، يكون قد أدركَ أنَّ الانغماسَ في دوامةِ الغضبِ والحقدِ لا يخدم سوى تكريسِ الألمِ والتوترِ الداخلي .
المغفرة: هبة السلام والتآلف
المغفرةُ هي هبةٌ تقدمها الروحُ البشريةُ لتشفي الجروحِ والبدءِ من جديد ، فعندما نمتلكُ القدرةَ على المغفرةِ ، نمنح أنفسَنا والآخرينَ فرصةً لبناء جسورٍ جديدةٍ بدلاً من إيجادِ الحواجز ، والمغفرةُ لا تعني الضعفَ ، بل تُظهر قوةَ الشخص الذي يستطيعُ التغلبَ على آثار الإساءةِ والارتقاءِ إلى مستوىً أعلى من النضجِ العاطفي

رحلة تحقيق التسامح
في عالمٍ مليءٍ بالتناقضاتِ والتحديات ، يعتبر التسامحُ مفتاحًا للسلام والتواصل الفعّال ، المسامحةُ والمغفرةُ تشكلان خطوةً رئيسيةً في هذه الرحلة ، فهما يمهدانِ الطريقَ للتآلفِ والتفاهمِ المتبادل ، عندما نمتلك القدرةَ على المسامحةِ ، نعيشُ حياةً أكثرَ سلامًا ورغدًا، حيث يصبح القلبُ مفتوحًا للحبِ والتعاون.
الختام
إن المسامحةَ والمغفرةَ عند المقدرة تعكس نضجَ الروحِ وعمقَ الفهم الإنساني ، هما ليسا فقط أفعالًا، بل هما أسلوبُ حياةٍ يسهم في بناء مجتمعاتٍ قائمةٍ على التسامحِ والتعايشِ السلمي لنحققَ حياةً مليئةً بالسعادةِ والتوازن ، ومن هنا يجدرُ بنا أنْ نمارسَ المسامحةَ والمغفرةَ ، مما يفتحُ أبوابَ السلامِ والتآلفِ أمامَنا وأمامَ الآخرين .

Comments are closed.